الخوف والقلق هي ردود فِعل طبيعيّة تحدُث للإنسان نتيجة مرورِه بظروف معيّنة٬ أو عند مواجهتِهِ لتحدِّيات جديدة٬ ومن الطَّبيعي أن يشعر الإنسان بالخوف أو القلق في الحياة٬ ولكن في بعضِ الأحيان يزيد هذا الشُّعور عن حدّه؛ حيثُ يكونُ مُرافقاً للإنسان في جميع الأوقات٬ أو يحدُث دون سبب واضح٬ فيُسيطر على الإنسان٬ ويُؤثر عليهِ بشكل سيئ٬ ويترُك أثراً سلبياً على حياتهِ وعلاقاتِه٬ وقد ينتُج عنه الاكتئاب إذا استمرّ لفترةٍ طويلة٬ ويعود وجوده إلى مجموعةٍ من الأسباب.
أسباب الخوف والقلق - الابتلاء : يبتلي الله سُبحانه وتعالى عباده بالخوف والقلق حتّى يمتحن شدّة إيمانهم وصبرهم على البلاء٬ فقد ذكر اللهُ في كتابِهِ العزيز : ((وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ))[١٥٥البقرة]٬ إذاً ينبغي على المؤمن التَّحلي بالصّبر على ابتلاءات الله عز وجل٬ ويدِرك أنّ فيها حكمة لا يعلمُها إلّا الله٬ كما أن على المؤمن أن يتذَكّر أن أمرَهُ كلّه خير فعند السّراء يشكُر فيُؤجر٬ وعند الضّراءِ يصبِر فيُؤجر أيضا.
- ضعف الإيمان :إنّ ضعف الإيمان بالله عزّ وجل يسمحُ لوساوِس الشيطان بالتّسلل إلى القلوب وزرع الخوف والقلق الدائمِ فيها٬ ولكن للإيمان الذي استقر في القلب مفعولٌ عظيم بالقضاء على القلق والخوف حيثُ يُدرِك الإنسان أن الله الذي خلق هذا الكون بموازين دقيقة٬ قادر على أن يدير شؤونهُ٬ ويُسيِّر أمورَهُ٬ كما يجِبُ على المُسلم التّقربُ إلى الله بالصلاة٬ والدُعاءِ وقراءَةِ القُرآن وتدبُّرُه٬ وتركِ المعاصي٬ وزيادةِ الطّاعات٬ والاستماع لجلسات الذِّكر٬ والتّفكُّر في خلق الله سبحانَهُ وتعالى٬ وغيرُها من العِبادات التي يمكنُ للمُسلم أن يؤديها للتَّقرُّب إلى الله٬ فقد قال اللهُ سبحانَهُ وتعالى : ((مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً..))[سورة النّحل٩٧].
- حُب الدُّنيا والغفلة عن الآخرة : إن انشغال الإنسان بالدُّنيا٬ وغفلتِهِ عن الآخرة تجعل الخوف والقلق لا يفارِقُهُ؛ حيث تُصبِح الدنيا والرّزق فيها والسّعادة فيها شغلهُ الشاغل٬ فينسى الآخرة وأنها هي حياة الخلود٬ وما يمُر بهِ الآن هو امتحانٌ قصير وهو مغادِرُها٬ فلا ينبغي أن يقلق في الحصول على زينتها الزائِلة.
- المَعاصي: إنّ المعاصي من أسباب الابتلاءات من الله٬ فعندَ تراكم المعاصي يشعرُ المُسلم بالخوف والقلق دون معرفة السّبب٬ وعلى الإنسان أن يتذكر أن السّعادة الحقيقيّة والدائمة مصدرُها القُرب من الله٬ لا العكس٬ وفي هذه الحالة عليهِ أن يداوم على الاستغفار والذِّكر٬ والعبادات التي يتقرّب فيها إلى الله٬ فالحسنات يُذهِبن السّيئات.